مـيـرا جـزيـنـي - لـيـبـانـون فـايـلـز
أتت الزيارة الأخيرة التي قام بها الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى بيروت، في سياق سياسي متشابك يعكس حجم التحوّلات الجارية لبنانياً وإقليمياً.
فلبنان اليوم يشكّل ساحة اختبار متقدّمة للصراع بين واشنطن وطهران.
خصوصاً بعدما باتت المواجهة الدولية في الملف النووي الإيراني مفتوحة على احتمالات التصعيد.
في هذا الإطار، يندرج الحضور الإيراني المُكثف في بيروت كرسالة مزدوجة:
الأولى مُوجّهة إلى الداخل اللبناني لتأكيد استمرار الرعاية والدعم لحلفاء طهران.
والثانية إلى المجتمع الدولي بأن أي محاولة لمحاصرة إيران ستجد ترجمتها في الميدان اللبناني.
على المستوى المحلي، يكتسب المشهد أبعاداً دقيقة ومُعقّدة، فيما القوى السياسية تتنازع على موقع البلد من محور الصراع الإقليمي.
زيارة لاريجاني جاءت في لحظة تحاول فيها بعض القوى الدفع نحو إعادة تحريك ملفات خلافية وربطها بالتوازنات الإقليمية.
بينما ترى قوى أخرى أنّ استمرار الهيمنة الإيرانية عبر “حزب الله” يشكّل عائقاً أمام أي تسوية داخلية.
وهنا يصبح الحضور الإيراني المباشر عاملاً ضاغطاً يزيد من تعقيد الاستحقاقات اللبنانية بدلاً من أن يساهم في حلّها.
من زاوية أخرى، تضع زيارة لاريجاني لبنان في قلب المواجهة المقبلة.
فالتقديرات تشير إلى أنّ أي تصعيد ضد إيران سيجعل الجبهة اللبنانية جزءاً من المعركة.
وهذا الاحتمال يثير مخاوف جدّية لدى شرائح واسعة من اللبنانيين الذين يجدون أنفسهم رهائن لصراع تتجاوز حساباته حدودهم
الوطنية.
فلبنان الذي يعاني انهياراً مالياً واقتصادياً غير مسبوق، قد يُزَجّ مجدداً في أتون مواجهة عسكرية مُدمّرة.
تكمن المعادلة الأساسية في أنّ إيران تحاول عبر لبنان أن ترسل إشارات بأنها قادرة على تفعيل أوراقها متى شاءت.
في حين يرى خصومها في الداخل أنّ هذه السياسة تزيد من عزلة لبنان الدولية وتُبقيه في موقع المتلقّي للأزمات.
بين هذين الاتجاهين، يظلّ اللبنانيون محاصرين: لا قدرة لهم على تغيير التوازنات الكبرى، ولا أدوات بيدهم لفكّ ارتباط بلدهم بصراعات إقليمية تتجاوزهم.
ولعلّ جوهر الإشكالية يكمن في أن لبنان أصبح ساحة تجاذب تُستخدم لإيصال الرسائل الكبرى.
فيما أزماته الداخلية تتفاقم بلا أفق للحلّ، لتجعل أي تحرّك خارجي، مثل زيارة لاريجاني، عاملاً إضافياً في تعميق المأزق اللبناني